الاثنين، 26 مارس 2012

هل تنهض أمة تنتظر البركة من شجرة .؟

متى يقوم الأزهر بدوره في حماية الإسلام من الخرافات؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -

هذه المقالة نُشرت في مجلة روزا ليوسف المصرية بتاريخ 6 / 2/ 1428 هـ الموافق 24 / 2 / 2007 م

تابعت تحقيقاً إعلامياً حول شجرة مكتوباً عليها لفظ الجلالة ، ولفظ محمد – صلى الله عليه وسلم – ورأيت- كما رأى غيري- الناس وقد تجمعوا حول الشجرة ، وهم يتزاحمون ويتنافسون للوصول إليها والتمسح بها ، ثم تعليقات النساء والرجال حول بركة هذه الشجرة ، ثم تابعت تعليقات أحد القيادات الدينية الرسمية حول هذا الموضوع ، ووجدتها تعليقات باردة لا تسمن ولا تغني من جوع .

أولاً : لماذا هذه الضجة حول هذه الشجرة المذكورة والحملة على مشاهدها ومناسكها فقط ؟

وأين نحن من عشرات ، بل مئات المشاهد والمناسك التي يعقد لها الموالد والتمسح بالقبور ، ويفعل الناس هناك ما يفعلونه عند الشجرة وأكثر ، ومن قبل فعلوا نفس الشيء ، ولكن مع البقرة – أي بقرة الدلنجات الشهيرة – التي كانت تُشفي كما زعموا ، بل أين نحن من آلاف الزوار من مختلف المستويات العلمية والاجتماعية الذين كانوا يترددون على الشيخة نادية ؟!!

ثانياً : أين نحن من عقيدة مفتينا أحد المؤتمنين على عقيدة الأمة ، حينما كتب أن النبي– صلى الله عليه وسلم- يُرى يقظة ، ويسأله نفرٌ من الناس ، ويُجيبهم وينصحهم ، ويأخذون عنه ، ويُوجههم ؟!!

ويقرر مفتينا كذلك أن الخضر صاحب موسى حيٌ يرزق ، ويلتقي كذلك بنفر من الناس ويأخذون عنه !!

ولم يكتف المفتي بذلك ، بل فتح باباً للشر في تهوينه من شأن خطر الشيعة ، زاعماً أنه لا خلاف بين السنة والشيعة في الأصول !!

ثالثاً : لماذا نستغرب تصرفات الناس حول الشجرة ؟ ، والفرقة المحظورة أدام الله حظرها (الأخوان)، والتي تزعم أنها التيار الإسلامي المُعَبِّر عن صحيح الدين ، شغلت الساحة الدعوية بالصراعات السياسية ، ومنازعة الأمر أهله ، وصرفت الناس عن صحيح الدين ، وضعَّفَت شوكة الأزهر الفكرية ، واخترقته الفرقة المحظورة ، فنجم عن ذلك أحد مشاهد الفتنة التي رأيناها من استعراض للقوة للإرهاب ، بدلاً من تربية الشباب على الانقياد للمفاهيم الدينية الصحيحة التي كان عليها السلف الصالح من خير القرون المفضلة .

رابعاً : إن المشاهد التي عبرت عنها ظاهرة الشجرة ، وسخر منها بفطرة سليمة ، وعقيدة صحيحة الكاتب وحيد حامد قائلاً " سِتْنا الشجرة " !!! وهو محق في هذه السخرية .

خامساً : إن حادثة الشجرة وآثارها العملية ، وحادثة شباب الفرقة المحظورة بالأزهر ، وتنامي الخطر الشيعي بمباركة البعض بجانب الملايين الذين يطوفون ويزورون في المواسم – التي ما أنزل الله بها من سلطان – قبور الصالحين وطلب الشفاء من أصحاب القبور ، وكذلك الزواج والنجاح ، والذبح لها ، والنذر لها ، لهو أقبح وأبشع مظاهر التخلف والتقهقر والرجعية– فكيف تنهض أمة هذا حالها :

1. فرقة خارجة على ولاة الأمر باسم الدين وباسم غيره يزعزعون الأمن والاستقرار .

2. عقائد وخرافات وشعوذة سائدة بين العوام والخواص وبمباركة مشايخ كبار ساهمت في حالة الاسترخاء ، والتعلق بغيبيات وهمية كالشجرة والبقرة والشيخة نادية والخضر ، وكرامات الأولياء ..... وترك البحث العلمي والأخذ بالأسباب.

3. مئات الأضرحة والقبور يُفعل عندها ما تشيب له الولدان ، وكأننا عدنا إلى عهود الجاهلية ، وأقول : كأننا تشبيهاً وليس نعتاً لمجتمعنا بالجاهلية ، فالحمد لله مازال في مصر بقية خير وصلاح ، وستبقى مصر إسلامية و إلى قيام الساعة " إن شاء الله ".

4. تواكل وتكاسل وضعف في الهمم ، وسعي للهو والعبث ناجم عن خطاب ديني مقصر ، وإعلام يحتاج إلى ترشيد .

5. بالله عليكم كيف نأخذ بأسباب البحث العلمي والتحديث التكنولوجي " التقني " والخرافة تعشعش في الطبقات المثقفة من حملة الدكتوراه والماجستير ؟!! لقد قرأت مرة منذ فترة بأخبار اليوم عن صاحب وجاهة وعلم نقل إلى الصعيد تبعاً لحركات التنقلات السنوية المتبعة في وزارته ، فإذا به يكتب لوحة كبيرة ويحملها ويسير إلى مشهد الحسين – رضي الله عنه - ، مقدماً شكواه للحسين رضي الله عنه !!! من جراء نقله ، فما دخل الحسين في هذا ؟!!! بل أين الحسين نفسه رضي الله عنه ؟!!!

6. وآخر زعم أنه سيشكو صديقه المستشار لسيدنا الحسين ، فرد عليه قائلاً : لو فعلت سيضربك سيدنا الحسين بالجزمة ، هكذا نشرت أخبار اليوم منذ زمن ، فهذه عقلية بعض مثقفينا !! " الحسين سيضربه بالجزمة!! "

7. وداعية مشهور كتبوا عن حكاية ابنته أنها كلما أرادت تعليق الستارة وقعت ، وكانت الحجرة تطل على مسجد الحسين ، فقال لها الشيخ : اتركيها ، أصل سيدنا الحسين مش عايز يكون بيننا وبينه حجاب ، ومنذ متى كانت للحسين – رضي الله عنه - إرادة واختيار ، وفعل بعد موته رضي الله عنه حتى يؤثر في ستارة الحجرة ؟!!

ومنسوب لعالم أزهري كان كبير الشأن ، أراد أن يؤلف كتاباً عن السيد البدوي ، فذهب إليه في قبره ليستأذنه !!!!! فإذا كانت هذه هي عقلية الكبار ، فكيف بالمتخرجين من الأزهر ؟!!! فهذه حالاتنا الدينية والثقافية ، والتي لابد أنها ستنعكس على أفكارنا وسلوكياتنا ومفاهيمنا ، فأين المخرج يا جماعة الخير ؟ إنني أطالب وأناشد سماحة شيخ الأزهر مناشدة بالله أن يكون على رأس مقاول قطع الأشجار ، ومعه كوكبة من أهل العلم ، ويقوم سماحته بقطع هذه الشجرة التي فُتن الناس بها ، تأسياً بالخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في قطعه للشجرة التي بايع الصحابة عندها الرسول - صلى الله عليه وسلم- لما رأى ميل البعض لها ، ولا اعتقد أن في الأمر صعوبة ، وإن لم يفعل هو والمفتي ، فإني سائلهما أمام الله عن ذلك ، فإن قصَّر علماء الأزهر في هذه المهمة الكبيرة ، فأناشد الأستاذ / وحيد حامد أن يقوم هو ومن معه وأنا معهم باستئذان ولاة الأمر بقطع الشجرة ليكون لنا جميعاً فضل إعلان راية التوحيد عالية خفاقة ، وتنكيس راية الشرك ، فهل تساهم روزا ليوسف برئيس تحريرها ومسئوليها في هذه المهمة العظيمة حماية لجانب التوحيد ، وحماية للعقل المصري من الانهيار والسقوط ؟ !!! وصدق الله عز وجل إذ يقول : " قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَراًّ إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) " الأعراف

فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم- لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يملكها البدوي أو الدسوقي أو الشجرة أو البقرة ؟!!!!

قال تعالى :"إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوَهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194)"الأعراف

وقال تعالى : " وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ "(13)

إِن تَدْعُوَهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) " فاطر

وقال تعالى : "قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً (56) الإسراء

وقال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج

والآيات والأحاديث كثيرة في أن النفع والضر بيد الله عز وجل ، فهو المستحق وحده للعبادة ، أي الدعاء ‘ ومن الأحاديث ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه في إحدى الغزوات كان للمشركين شجرة يتبركون بها تسمى ذات أنواط ، فقال اثنان حديثا عهد بالإسلام : يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم- : " الله أكبر ، قلتم كما قالت اليهود لموسى : اجعل لنا إلـــــها كما لهم آلهة " أو كما قال . فهل يتحرك العلماء المنوط بهم حماية العقيدة والإسلام وتبصرة الناس بصحيح المعتقد وحسن العمل للإجهاز على هذه الشجرة وغيرها من آثار التخلف والجاهلية ؟ !!! فلينته هؤلاء المجتمعون حول الشجرة ، حتى لا يصيبهم سخط الله وغضبه ، ألا قد بلغت اللهم فاشهد .





كتبه / محمود عامر