الأربعاء، 28 مارس 2012

ردود علمية على قاعدة الإخوان ( الذهبية ) ! !



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد :


فهذه فتاوى وكلمات لبعض أهل العلم حول عبارة طالما رددها البعض في وجه من يقوم بواجب النصح إلى الأمة فيحذرها من الوقوع في الشرك ، أو في البدع ، أو في المخالفات عموماً ، وهي عبارة  نعمل فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) ، وقد وصفها البعض بـ ( القاعدة الذهبية ) ! ! ! أسأل الله أن ينفع بها إنه سميع مجيب .


ــــــــــــــــــــ ـ

قال الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله ـ في " مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " ( 3 / 58 ) أثناء رده على محمد علي الصابوني : ( نقل ـ أي الصابوني ـ في المقال المذكور عن الشيخ حسن البنا رحمه الله ما نصه ( نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) .

والجواب أن يقال : نعم يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق والدعوة إليه والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله ، أما عُذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه فليس على إطلاقه بل هو محل تفصيل ، فما كان من مسائل الاجتهاد التي يخفى

دليلها فالواجب عدم الإنكار فيها من بعضنا على بعض ، أما ما خالف النص من الكتاب والسنة فالواجب الإنكار على من خالف النص بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن عملاً بقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ( المائدة :2 ) وقوله سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أوليآء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ( التوبة : 71 ) . وقوله عز وجل : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) ( النحل : 125 ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله "

أخرجهما مسلم في صحيحه. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة ) اهـ .

ـــــــــــــــــــــ ـ

وقال الإمام العلامة محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في " الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات " ( ص171 ) إجابة على سؤال : ما رأيكم فيمن يقول : نجتمع فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ؟ ( أما نجتمع فيما اتفقنا فيه فهذا حق . وأما يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه فهذا فيه تفصيل . فما كان الاجتهاد فيه سائغاً فإنه يعذر بعضنا بعضاً فيه ، ولكن لا يجوز أن تختلف القلوب من أجل هذا الخلاف . وأما إن كان الاجتهاد غير سائغ فإننا لا نعذر من خالف فيه ويجب عليه أن يخضع للحق فأول العبارة صحيح وأما آخرها فيحتاج إلى تفصيل) اهـ


ـــــــــــــــــــ ـ

وقال الإمام محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في لقاء مع " مجلة الفرقان " الكويتية ( العدد77 ) ( ص22 ) منتقداً قول القائل نتعاون على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه : ( هم أول من يخالف هذه الفقرة ، ونحن لا نشك بأن شطراً من هذه الكلمة صواب ، وهو " نتعاون على ما اتفقنا عليه ". الجملة الأولى هي طبعاً مقتبسة من قوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) . أما الجملة الأخرى : " يعذر بعضنا بعضاً " ؛ لا بد من تقييدها .. متى ؟حينما نتناصح ، ونقول لمن أخطأ : أخطأت ، والدليل كذا وكذا ، فإذا رأيناه ما اقتنع ، ورأيناه مخلصاً ،فندعه وشأنه ، فنتعاون معه فيما اتفقنا عليه. أما إذارأيناه عاند واستكبر وولى مدبراً ، فحينئذٍ ؛ لا تصح هذه العبارة ولا يعذربعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) انتهى نقلاً من "زجر

المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون" لـ حمد بن إبراهيم العثمان ( ص130 ) .

ــــــــــــــــــــ ـ

وقال الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في شريط ( رقم 356 ) ضمن "سلسلة الهدى والنور" وهو عبارة عن لقاء مع أحد طلبة محمد سرور : (الإخوان المسلمون ينطلقون من هذه القاعدة ( يقصد : نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) التي وضعها لهمرئيسهم الأول ( يقصد حسن البنا ) وعلى إطلاقها ( أيحتى في العقيدة ) و لذلك لا تجد فيهم التناصح المستقى من نصوص كتاب الله وسنة رسول الله ؛ ومنها سورة العصر: ( والعصر * إن الإنسان لفي خسرٍ * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بِالصبر) ؛ هذه السورة كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا ثم أرادوا ان يتفرقوا قرأ أحدهم هذه السورة لأهميتها ( وتواصوا بالحق وتواصوا بِالصبر ) ؛ الحق كما تعلم ضد الباطل ، والباطل أصولي و فروعي ، كل ما خالف الصواب فهو باطل ، هذه العبارة هي سبب بقاء الإخوان المسلمين نحو سبعين سنة عملياً بعيدين فكرياً عن فهم الإسلام فهماً صحيحا وبالتالي بعيدين عن تطبيق الإسلام عملياً لان فاقد الشيء لا يعطيه ) اهـ

ـــــــــــــــــــــ ـ

وقال الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمه الله ـ في كتابه " حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية " (ص149 ) تعليقاً على عبارة " نجتمع فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه " : ( هذا تقعيد حادث فاسد ، إذ لا عذر لمن خالف في قواطع الأحكام في الإسلام ، فإنه بإجماع المسلمين لا يسوغ العذر ولا التنازل عن مسلمات الاعتقاد ، وكم من فرقة تنابذ أصلاً شرعياً وتجادل دونه بالباطل ؟ وعليه ؛ فإلى الطريق الوسط الحق ، طريق جماعة المسلمين على منهاج النبوة ) اهـ .

ـــــــــــــــــــــ ــــ

6ـ نقل الشيخ عادل الكلباني ـ حفظه الله ـ عبر شبكة المعلومات ( الانترنيت )في منتدى " الساحة العربية " تحت عنوان " قاعدة

المنار" كلاماً مهم للشيخ بكر أبو زيد حول هذه القاعدة فقال :

( بسم الله الرحمن الرحيم بيان حول قاعدة المنار لقد وقعت مباحثات عن هذه المقولة : " نتعاون في ما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه " متى قيلت ؟ وهل يشهد الشرع باعتبارها أو بإلغائها ؟ .

فأقول : إن افتراع القواعد الفقهية صياغة وإعدادا يكاد تنتهي مرحلته في القرن العاشر الهجري ، والتأليف بعد ذلك هو في الجمع والترتيب ، والنظم والتقريب . وبعدالبحث والاستقراء ما وسعني ذلك ، لم أجد هذه المقولة بهذا السياق في التاريخ المذكور فما قبل ونهاية ما وجدتها في " مجلة المنار" التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله تعالى - في صدر القرن الرابع عشر الهجري ، إذ كان يصدر المجلة بها ، ويظهر أن الشيخ رشيد – رحمه الله تعالى ـ هو الذي افترعها، وصاغها ، كما يظهر أن الداعي لها ، هو أن الشيخ لما كانت مجلته تحمل مقالات ، ومباحثات تدعو إلى الإسلام بصفائه ونوره ، استنكر الناس هذا التجديدالصحافي ، فتناولته الأقلام في الصحف والمجلات ، وأثاروا عليه الغبار من هنا وهناك ، فدعا إلى عدم التثريب على مجلته بهذه القاعدة " قاعدة المنار " . ثم إن الشيخ حسن البنا – رحمه الله تعالى – أخذ هذه القاعدة وتبناها في الدعوة ، ودونها في رسائله ، فتحولت من قاعدة صحافية ، إلى قاعدة دعوية .إذا علمنا أن حقيقة القاعدة أنها ( حكم كلي – أو أغلبي – ينطبق على جميع جزئياته ) نجد أن هذه القاعدة تتكون من فصلين ، في كل منهما إجمال مانع من فهم المراد .

أما الفصل الأول فهو : ( نتعاون في ما اتفقنا عليه) ففيه إجمال في نوع المتفق عليه ، والتعاون لا يكون إلا شرعيا في أمر مشروع ،على حد قول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وإلا فسيدخل في هذا الفصل ما نهى الله عنه بعد ، فيقوله سبحانه : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) فآلت جهة الإجمال فيهذا الفصل إلى المنع من فهم المراد ، وهذا قادح فيسلامة التقعيد ، إذا يشهد الشرع بإلغاء هذا الفصل ،لا باعتباره ، ويغني عنه قول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والقوى ) . وأما الفصل الثاني فهو : ( ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه ) ففي الاعذار ،وفي محله ، إجمال ، وكلاهما إجمالان مانعان من فهم المراد، وفي تمريرهما خطر عظيم ، يعلم من ضرب المثال: أرأيت من خالف نصا صريحا من كتاب أو سنة أو إجماع ،كمن سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعنهم ، وآذاهم ، هل يعذر بذلك ؟ لا يقول هذا مسلم قطعا . ولهذا لما قال بعض أهل العلم المتقدمين : لا إنكار في مسائل الخلاف . حصل النقد لهذه المقولة ، كما حرره ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " إعلام الموقعين " ( 2 / 300 ) – إذ لا إنكار في مسائل الخلاف التي هي مسرح للاجتهاد ، ولكل قول فيها حظ من النظر ، أما الخلاف مع قيام الدليل من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع ، أو قياس ، فهو شر ، ويتعين على من خالف الدليل أنيرجع إليه إذا علمه ، كما يتعين الإنكار لهذا الخلاف ، ولا يعذر من علم الدليل ، وصحته ثم خالفه ، ولهذاأيضا لما قال بعض من مضى : كل مجتهد مصيب . أنكر هذا التعميم ، وقيد بأن صوابه : كل مجتهد عند نفسه مصيب . أو : لكل مجتهد نصيب . أي من اجتهاد متردد بين الأجرين إن أصاب ، والأجر إن أخطأ . ومباحث هذا معلومة في كتب الاجتهاد والتقليد . وقد أفردها بعض المعاصرين في كتاب باسم : "حكم الإنكار في مسائل الخلاف" لفضل إلهي .

والخلاصة : أن في كل واحد من فصلي هذه القاعدة من الإجمال ما يشهد بإلغائها ، ويمنع من التسليم بها واعتبارها .

وكتب : بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء ) اهـ .

ـــــــــــــــــــــ ـــــ

قال الشيخ العلامة عبدالمحسن العباد البدر ـ حفظه الله ـ في تقديمه لكتاب " زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون ـ نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ـ " لحمد بن إبراهيم العثمان ( ص7 – 8 ) : ( كان اللائق – بل المتعين – على أتباع هذا الداعية – ( يقصد حسن البنا رحمه الله ) بدلاً من التوسع في إعمال مقولته هذه ( يقصد : نعمل فيما اتفقنا عليه ..) لتستوعب الفرق الضالة ، حتى لو كانت أشدها ضلالاً ؛ كالرافضة – أن يعنوا بتطبيق قاعدة الحب في الله والبغض في الله ، والموالاة فيه والمعاداة فيه – التي لا مجال فيها لأن يعذر أهل الزيغ والضلال فيما خالفوا فيه أهل السنة والجماعة ) اهـ.

ـــــــــــــــــــــ ـ

فتوى : سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية السؤال التالي بناءاً على قوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) يـُقال : إنه يجب التعاون مع كل الجماعات الإسلامية ، وإن كانت تختلف بينها في مناهج وطريق دعوتهم ؛ فإن جماعة التبليغ طريق دعوتها غير طريق الإخوان المسلمين ، أو حزب التحرير ، أو جماعة الجهاد ، أو السلفيين ، فما هو الضابط لهذا التعاون ؟ وهل ينحصر مثلاً في المشاركة في المؤتمرات والندوات ؟ وماذا عند توجيه الدعوة إلى غير المسلمين حيث يكون هناك التباسلدى المسلمين الجدد ؟ فإن كل جماعة من هذه الجماعات ، سوف توجههم إلى مراكزها ، وإلى علمائها ؛ فيكونون فيحيرة من أمرهم؟ فكيف يمكن تفادي هذا الأمر ؟

فأجابت اللجنة بما يلي :

( الواجب التعاون مع الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة ، في الدعوة إلى توحيد الله سبحانهوإخلاص العبادة له ، والتحذير من الشرك والبدع والمعاصي ، ومناصحة الجماعات المخالفة لذلك ، فإذا رجعت إلى الصواب ؛ فإنه يتعاون معها، وإن استمرت على المخالفة ؛ وجب الابتعاد عنها ، والتزام الكتاب والسنة. والتعاون مع الجماعات الملتزمة لمنهج الكتاب والسنة،يكون في كل ما فيه من خير وبر وتقوى ، من الندوات والمؤتمرات والدروس والمحاضرات ، وكل ما فيه نفع للإسلام والمسلمين ) انتهى نقلاً من كتاب " زجر المتهاون بضررقاعدة المعذرة والتعاون " لـ حمد بن إبراهيم العثمان( ص131 ـ 132 ) وقد راجع هذا الكتاب الشيخ صالح الفوزان وقرظه الشيخ عبد المحسن العباد . ورقم هذه الفتوى 18870 بتاريخ 11 / 6 / 1417هـ. وقد صدرت هذه الفتوى من كل من فضيلة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والشيخ عبدالله الغديان والشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد والشيخ صالح الفوزان حفظهم الله .

ــــــــــــــــــ

قال فضيلة الشيخ علي بن محمد بن ناصر الفقيهي-حفظه الله-:


(...أما في هذه المرحلة فتطبق فيها القاعدة[1] التي اعتقد واضعها أنها من القواعد المفيدة، حتى أصبحت تنطلي على كثير من الكُتَّاب، فتجدهم يعبرون بها في مناسبات مثل ما جاء في مقدمة الطبعة الثانية لكتاب(دراسة عن الفرق في تأريخ المسلمين الخوارج والشيعة).


وهو الذي اختلف ما في هذه الطبعة عن الطبعة الأولى حيث أدخل أفكارًا مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة في هذه الطبعة هذه القاعدة هي قولهم: (نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه).


ومع الأسف: فقد دخل تحت هذه القاعدة الفاسدة المخالفة لنصوص الكتاب والسنة، الدالة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(كل صاحب بدعة من قبوريين، وأصحاب طرق صوفية مبتدعة، ومن يسب الصحابة ويكفرهم)، بحجة أننا اختلفنا معهم في هذه المسائل واتفقنا معهم في اسم الإسلام والدعوة إليه.


وكأن هؤلاء لا يعلمون: أن بعض أعمال هؤلاء ما ينقض الإيمان بالكلية ، ومنها ما يقدح فيه.


وبهذا يتضح أن هذه القاعدة: بنيت على جهل بأحكام الشريعة الإسلامية، وبحقيقة توحيد العبادة وما ينقضه، أو يقدح في كماله وبصحة العبادة وشروطها...)[2].

_____________________________

[1] (نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه).

[2] (الوصايا في الكتاب والسنة/ المجموعة الخامسة/ الوصية رقم (85)/ ص: 85)





__________________

رد على شبهة! ! :

لقد استغل البعض عبارة للشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ حول هذه العبارة فرد عليهم الشيخ

حمد العثمان ـ حفظه الله ـ في كتابه " زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون " ( ص125 ـ 128 ) حيث قال تحت عنوان ( تحرير مراد العلامة السعدي ) : ( ربما ظن بعض من وقف على كلام للعلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه " المناظرات الفقهية " أنه يقول بهذه القاعدة مطلقاً ! وليس هذا بصحيح ، كما سنوضحه ـ إن شاء الله ـ :

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ في سياق حديثه عن فوائد التصنيف في مسائل الخلاف على طريقة المناظرات ( 1 ) :

ومنها أن يعلم أن الخلاف في مثل هذه المسائل بين أهل العلم لا يوجب القدح ، والعيب ، والذم ، بل كما قال بعضهم : ( نتعاون فيما

اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ). بخلاف حال الجاهل ضيق العطن ، الذي يرى أن من خالفه ، أو خالف من يعظمه قد فعل إثماً عظيماً ، وهو معذور ، بل ربما كان الصواب معه ، فهذه حالة لا يرتضيها أحد من أهل العلم ، ونسأل الله العافية منها ، ومن كل ما لا يحبه الله ورسوله . اهـ . فكلام الشيخ واضح في ( مثل هذه المسائل ) ( 2 ) الفقهية أولاً ، وهذا بين ؛ فإن كتابه كله في مسائل الفقه التي تتجاذبها الأدلة ؛ كتقسيم المياه ، وصلاة المنفرد خلف الصف ، وأشباهها .

ثانياً : كلام الشيخ مقيد بالمسائل التي يكون الخلاف فيها معذوراً ، فتأمل قوله : ( وهو معذور ) .

ثالثاً : عمل الشيخ في كتابه " المناظرات " ، يوضح مراده من تلك العبارات ، فهو يذكر الخلاف بين الطرفين ، ثم يذكر حججهم ، ومستند أقوالهم ، ثم يحاكم بينهم فيما اختلفوا فيه بمقتضى الكتاب والسنة . وتجدهذا جلياً في قوله ( 3 ) : والحق ضالة المحق ، وإن لم يكن عندك سوى ما ذكرت من الأدلة ، وهو كذلك ، فيلزمك الانقياد إلى الحجة . اهـ .

وكذلك في قوله ( 4 ) : الواجب علينا واحد ، وهو اتباع ما رجحه الدليل السالم عن المعارض المقاوم . اهـ .

فأين هذا ممن يُعْـمِـلُ هذه القاعدة مع أهل الأهواء ، بل وغلاتهم وشرهم ـ كالرافضة ـ دون إلزامهم بالانقياد إلى السنة .

رابعاً : لا بد من جمع نصوص الشيخ جميعها في المسألة الواحدة ؛ حتى يُعْـلَمَ مراده على حقيقته . وإذا فعلنا ذلك ؛ لم نر الشيخ يعمل هذه القاعدة مع المبتدعة ـ كأولئك ـ ؛ بل تراه يرىجهادهم أولى من جهاد العدو الخارجي ( 5 ) . فكلام العلامة السعدي مجمل ، ولا يوجد في كلامه ما يدل على إعمالها مع أهل البدع . فاحذر مسالك أهل البدع الذين يجدون من كلام بعض المشايخ كلمات مشتبهة مجملة ، فيحملونها على المعاني الفاسدة .قال شيخ الإسلام عنهم ( 6 ) : وهؤلاء قد يجدون من كلام بعض المشايخ كلمات مشتبهة مجملة ، فيحملونها على المعاني الفاسدة ، كما فعلت النصارى فيما نقل لهم عن الأنبياء ، فيدعون المحكم ، ويتبعون المتشابه . اهـ .

ـــــــــــــــــــــ ـــ

الهامش :

( 1 ) : مقدمة " المناظرات الفقهية " ( ص 7 ) .

( 2 ) : كما هو نص كلامه .

( 3 ) : " المناظرات الفقهية " ( ص 16 ) .

( 4 ) : " المناظرات الفقهية " ( ص 23 ) .

( 5 ) : كما في ( ص 72 ـ 73 ) من نفس الكتاب .

( 6 ) : " مجموع الفتاوى " ( 2 / 374 ) ) اهـــــ .



وأنبه: على أن كتاب " زجر المتهاون " للشيخ حمد العثمان ـ حفظه الله ـ قد قام بتقريظه الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ والشيخ عبد المحسن العباد ـ حفظه الله


وهذا هو كتاب



بين المؤلف في الكتاب فساد المقولة :

( نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه )


وما دعاني إلى نصح أخواتي بقراءة هذا الكتاب هو ما نراه اليوم من حال هذه الأمة من فرقة وتشتت

فمنهم من هو متعصب لرأيه ويرى أن الحق معه وحده متشبت به وينكر على كل من خالفه ، وإن كان الصواب في قول الآخر ، ونراه يحاجج بالرجال لا بالحق.


وآخر لا يحرك ساكناً لأنه يحتج بأن المسألة مختلف فيها وهذا الاختلاف يسوغ لكل أحد أن يذهب إلى ما يراه هو دون أن ينكر على الآخرين ، ومعلوم أن مثل هذا الاحتجاج ليس بحجة شرعية ،وهو تأصيل لم يقم عليه دليل شرعي ، لا من كتاب ولا من سنة


وقد وجدت في هذا الكتاب ما فيه أجوبة شافية وكافية لأسئلة كثيرة قد تخالج أفكارنا و تغيب عن علمنا القاصر

لذلك أحيلكن أخواتي إلى مثل هذا الكتاب النافع حتى لا نقع في مثل هذه المسوغات التي وقع فيها كثير من أفراد الأمة هدانا الله وإياهم للحق والصواب.


قال ابن عبد البر في (جامع العلم) 2/82/ وفي سماع اشهب سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه الثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أتراه في ذلك في سعة ؟ فقال لا والله يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا؟؟ ما الحق والصواب إلا واحد. فها هو اشهب وهو من أفقه أصحاب مالك وأوثقهم ينقل عن إمامه أنه إذا صح الحديث فلا يسع أحدا أن يخالفه لأن الحق واحد وهو ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، وما سواه خطأ غير صواب


وقد قسم المؤلف - جزاه الله خيراً- الكتاب إلى ثلاثة أقسام


القسم الأول: أسس وأصول


ومما احتوى عليه هذا القسم المواضيع التالية:

·الخلاف أمر كوني

·الخلاف سمة أهل البدع

·الخلاف آفة الذنوب

·الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ

·الحق واضح وسهل لمن يطلبه بحسن قصد

·صحة العقيدة سبب لإدراك الحق

·فهم السلف عاصم من الاختلاف

·حديث صلاة العصر في بني قريظة

·معنى التوسعة في الخلاف

·الاحتجاج بالاختلاف

·تعليل الأحكام الفقهية بالخلاف

·النزاع في الأحكام

·هل يؤخذ بأخف القولين عند الخلاف؟

·ليس كل مخطئ مأجوراً

·متى يعذر المخطئ؟

·ضوابط مسائل الاجتهاد

·تبيين الأخطاء واجب

·الإعراض عن الحق بعد وضوحه كبيرة

·ميزان أهل العلم والاعتدال في نقد الرجال


أما القسم الثاني : فقد بين المؤلف جزاه الله خيراً ما يترتب عليه إعمال هذه القاعدة ( نتعاون فيما اتفقنا فيه.. إلخ)


وبين في القسم الأخير : أقوال العلماء في هذه المقولة الفاسدة .


هذا تقرير بسيط عن هذا الكتاب القيم النافع

نسأل الله أن يجزي صاحبه خير الجزاء