الأربعاء، 28 مارس 2012

قراءة متأنية في عقيدة حسن البنا

هو حسن بن أحمد بن عبد الرحمن البنا رحمه الله ، (ولد عام 1324هـ ـ 1906م ، وتوفي 1368هـ ـ 1949م) ، تلقى تعليمه في المدارس الدينية و الإعدادية ودور المعلمين وتخرج من دار العلوم بالقاهرة عام 1927م . وأثناء عمله في التدريس بالإسماعيلية بدأ تكوين الجماعة مع عدد من زملائه عام 1928م في نهاية عام 1347 هـ . وفي عام 1932م انتقلت الحركة إلى القاهرة واستقر فيها مركزها العام ومرشدها العام حتى اليوم .

طريقته الصوفية الحصافية : بدأ اهتمام حسن بالدعوة مبكراً وتربى على طريقة الصوفية " الحصافية " وأخذ بيعتها على يد الشيخ / بسيوني العبد ثم على يد الشيخ / عبدالوهاب الحصافي نائب رئيس الطريقة وواظب على حضرتها ووردها و الخروج في موكبها في عيد المولد و استمر على ذلك إلى ما بعد انتقاله إلى دار العلوم كما تبين من كتابه : (مذكرات الدعوة و الداعية ص : 9-62)

بل إلى آخر حياته كما يقول الشيخ / أبو الحسن الندوي في كتابه : ( التفسير السياسي للإسلام ص 138-139) : " الشيخ حسن البنا ونصيب التربية الروحية في تكوينه وفي تكوين حركته الكبرى : إنه كان في أول أمره - كما صرح بنفسه - في الطريقة الحصافية الشاذلية ، وكان قد مارس أشغالها وأذكارها وداوم عليها مدة ، وقد حدّثني كبار رجاله وخواص أصحابه أنه بقي متمسكاً بهذه الأشغال والأوراد إلى آخر عهده وفي زحمة أعماله " وكان إعجابه ومواظبته على وردها المعروف " بالوظيفة الرزوقية " صباحاً ومساءً تبعاً لاتجاه والده .

ويقول البنا : "وزادني بها إعجاباً أن الوالد قد وضع عليها تعليقاً لطيفاً جاء فيه بأدلة صيغها جميعاًُ تقريباً من الآحاديث الصحيحة ! وسمى هذه الرسالة : "تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الرزوقية" (مذكرات الدعوة و الداعية ص10-11)

ويقول : "وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور، وواظبت على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة" (مذكرات الدعوة والداعية ص 24) ، وقال أيضاً : "وحضر السيد عبد الوهاب (المجيز في الطريقة الحصافية) وتلقيت الحصافية الشاذلية عنه ، وأذني بأدوارها ووظائفها" (المرجع السابق ص 24)

وقال : " كانت أيام دمنهور أيام استغراق في عاطفة التصوف ، وكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف" (المرجع السابق ص 28)
ويقول عن شيخ الطريقة الصوفية حسنين الحصاف : "وكان أعظم ما أخذ بمجامع قلبي وملك علي لبي من سيرته رضي الله عنه !! شدته في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" (المصدر نفسه ص10-11)

تعليق : ولم يدر بخلد الشيخ ولا المريد أن تكوين طريقة صوفية خروج عن طريق محمد صلى الله علية وسلم وصحبه . ومنكر يجب تغييره ! .

وقال حسن البنا : "ونظام الدعوة في هذا الطور صوفيُّ بحت من الناحية الروحية ، وعسكري بحت من الناحية العملية " رسالة التعاليم ص12 وقد شارك حسن البنا في إنشاء جمعية صوفية حصافية ، كما ذكر في مذكراته ص 28 قائلا: " وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي (الجمعية الحصافية الخيرية) وانتُخبتُ سكرتيراً لها وخلفتها في هذا الكفاح جمعية (الإخوان المسلمون) بعد ذلك"
وذكر سعيد حوّى - وهو من كبار منظري جماعة الإخوان - ما عليه المؤسس حسن البنا من الأذكار الصوفية بقوله : "نظموا من أجلها أنواعاً من حلقات الذكر ، حتى أصبح لكل شيخ طريقته الخاصة به في الذكر الذي يجتمع عليه إخوانه ، ودمج بعضهم مع الذكر الإنشاد ، وقد جعل الأستاذ البنا الاجتماع اليومي على الذكر جزءاً من أدب المسلم ، وجمع لذلك ورد (الوظيفة الكبرى) واختصره بـ (الوظيفة الصغرى)"
راجع ذلك في صفحة 172 من كتاب ( تربيتنا الروحية ) لسعيد حوّى .
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالى :" ومن دين الصوفية التزام أذكار وأوراد يضعها لهم شيوخهم ، فيتقيدون بها ، ويتعبدون بتلاوتها ، وربّما فضَلوا تلاوتها على تلاوة القرآن الكريم ، ويسمونها ذكر الخاصة "

راجعه في رسالته الطيبة (حقيقة التصوف ص 28)

قال جابر رزق في كتابه (حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه ص 8) : " وفي دمنهور توثقت صلته - يعني حسن البنا - بالإخوان الحصافية ، وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية ، ورغب في أخذ الطريقة ، حتى انتقل من مرتبة (المحب) إلى مرتبة (التابع المبايَع)

قال سعيد حوّى في كتابه (تربيتنا الروحية ص 21)

" إن الصوفية عندهم اصطلاح (المرشد الكامل) ، ولقد كان الأستاذ البنا مرشداً كاملاً بشهادة كبار الصوفية أنفسهم ، وكان كذلك مجدداً ، والأخوة النواب هم خلفاؤه الحقيقيون ، وهي قضية يجب أن تأخذ مضمونها الكامل في الدعوة " وقال في ص 6 : " كنت قد أزمعت أن أخرج هذه الرسالة تحت عنوان : " تصوف الحركة الإسلامية المعاصرة " ( أي : الإخوان المسلمين)


التوسل بالأولياء وإحياء الموالد :

وقال أيضاً : " كنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهود ، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور ، فكنا ـ أحياناً ـ نزور دسوقي ، فنمشي على الأقدام بعد صلاة الفجر مباشرة ، حتي نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً ، فنقطع المسافة في ثلاثة ساعات ، وهي نحو عشرين كيلو متراً ، ونزور ، ونصلى الجمعة ، ونستريح ، … ونعود أدراجنا إلى دمنهور … (المرجع السابق ص 30 ). وقال : " وكنا ـ أحياناً ـ نزور عزبة النوام ، حيث دفن في مقبرتها الشيخ ، سيد سنجر ، من خواص رجال الطريقة الصحافية ، والمعروفين بصلاحهم وتقواهم ، ونقضي هناك يوماً كاملاً ، ثم نعود (المرجع السابق ص 30). وقال : " وأذكر أنه كان من عاداتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول صلى الله علية وسلم بالموكب بعد الحضرة كل ليلة ، من أول ربيع الأول إلى الثاني عشر منه ، ونحن بالموكب ، ونحن ننشد القصائد المعتادة في سرور كامل وفرح تام " !!

ومن القصائد : "هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا *** وسامح الكل فيما قد مضى وجرى "

(المرجع السابق ص 52)


ملاحظـة مهمـة :

((وهذا شرك أكبر والعياذ بالله لأن مغفرة الذنوب من خصائص الربوبية ، ولكن لغلبة الجهل والضلال تراهم يذكرونه بدون نكير))

وحول تفصيل أكثر لحال تلك المواكب التي يخرج بها المؤسس حسن البنا يخبرنا أخوه عبد الرحمن البنا فيقول :

" فسار في الموكب حسن البنا ، ينشد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك حين يهلّ هلال ربيع الأول ، كنا نسير في موكب مسائي في كل ليلة حتى ليلة الثاني عشر ، ننشد القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من قصائدنا المشهورة في هذه المناسبة المباركة :
صلى الإله على النور الذي ظهرا **** للعالمين ففاق الشمس والقمرا

كان هذا البيت الكريم تردده المجموعة ، بينما ينشد أخي وأنشد معه :

هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا **** وسامح الكلَّ فيما قد مضى وجرى

لقد أدار على العُشّاق خمرته **** صرفاً يكاد سناها يُذهب البصرا

يا سعدُ كرّر لنا ذكر الحبيب لقد **** بلبلت أسماعنا يا مطرب الفقرا

وما لركب الحمى مالت معاطفه **** لا شكّ أن حبيب القوم قد حضرا

(راجع ذلك في كتاب جابر رزق - المذكور آنفاً - ص 71-72)

وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر مولدهم وهو اعتقاد الصوفية ، وأنه صلى الله عليه وسلم غفر لهم ذنوبهم وسيئاتهم !!

وقوله "أدار خمرته " وصف لحالهم عند الرقص والغناء في ليلة المولد كالسكارى في خماراتهم ، والله المستعان .

وقال محمود عبد الحليم : "وكنا نذهب جميعا كل ليلة إلى مسجد السيدة زينب فنؤدي صلاة العشاء ، ثم نخرج من المسجد ، ونصطف صفوفاً ، يتقدمنا الأستاذ المرشد حسن البنا ، ينشد نشيداً من أناشيد المولد النبوي ، ونحن نردده من بعده بصوت جهوري جماعي يلفت النظر ."

(الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ 1 / 109)

وقال عباس السيسي في كتابه: " دعا الإخوان المسلمون بالإسكندرية إلى الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في حفل يحضره فضيلة المرشد العام حسن البنا بمسجد نبي الله دانيال ...

وبدا الأستاذ المرشد حسن البنا محاضرته ، ثم دخل في الموضوع الذكرى ، فقال : "نحيي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن حق الناس جميعاُ مسلمين وغير مسلمين أن يحتفلوا بهذه الذكرى المباركة ، فرسولنا عليه الصلاة والسلام لم يأت للمسلمين فقط "

(قافلة الإخوان المسلمين 1 / 48)

وبالنسبة لقضية التوسل بالأولياء التي يرى حسن البنا أنها ليست من مسائل العقيدة وإنما هي كبائر لانتأول لها حيث يقول" : والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقة خلافٌ فرعي في كيفية الدعاء ، وليس من مسائل العقيدة " (مجموع رسائل حسن البنا ص 392)
ويقول : "ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداءهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد و النذر لهم وتشييد القبور وسترها وإضاءتها و التمسح بها و الحلف بغير الله وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها ولا نتأول لذلك سداً للذريعة " (المصدر نفسه ص 170)

و يقول : ونظام الدعوة في هذه المرحلة (مرحلة التكوين) صوفي بحت من الناحية الروحية وعسكري بحث من الناحية العملية . وشعار هاتين الناحيتين أمر وطاعة من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج (المرجع السابق ص 174)

التهوين من شرك القبور :

قال صاحب كتاب (الجماعة الأم صفحة 28)

مثال هذا ما نقله الدكتور بشير أو برمان عن الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – أن وقف في مخيم هيئة كبار العلماء في الحج وقال لهم : "إن موضوع محاربة الشرك الذي نادى به العلماء السابقون أمثال محمد بن عبد الوهاب في عبادة الأوثان والتمسح بالقبور قد انتهى وحل محله شرك من نوع آخر وذلك هو شرك الحكم بشريعة البشر وترك شريعة الله" أ. هـ (من كتاب الشيخ عبد الله عزام العالم والمجاهد ص 34)

وقال : "يقول عباس السيسي في كتاب (قافلة الإخوان) جزء 2 صفحة 33 حيث صدر قرار بحل جماعة الإخوان عام 1948م ومُنِعوا من مزاولة نشاطهم وضيق عليهم اتجه شباب الإخوان إلى مساجد )أنصار السنة( يمارسون فيها نشاطهم في الدعوة إلى الله تعالى حيث لم يصدر قرار بحل جماعتهم التي تلتزم قانونا بعدم التدخل في الشئون السياسية كما أن لها أسلوبا في الدعوة إلى الله يختلف عن أسلوب (الإخوان) وشمول دعوتـهم وحيث أُلغيَ قرار حل جماعة الإخوان عاد إليها بعض الإخوة متأثرين بأسلوب أنصار السنة في الدعوة فكانوا دائما مشغولين بحماس شديد بتحريم الصور وحكم لبس الذهب للرجال وزيارة القبور ومثل هذه الأشياء التي تستولي على خطبهم و نقاشاتـهم وفتحوا بذلك بابا للمناقشة والجدال استغرقت جهود الإخوان داخل الدار وعاش الإخوة مع هؤلاء فترة من الصراع الفكري تجلى فيها اختلافنا في التصور والسلوك حتى أن الإخوان لم يجدوا بدا من مواجهتهم بصراحة ووضوح بأننا هنا في دار(الإخوان المسلمون) المحددة أغراضهم ووسائلهم وتعاليمهم وشمول أفكارهم فمن كان يؤمن بما يؤمن به الإخوان فهو منهم ومن كان يؤمن بأفكار أخرى غير أفكارهم فعليه أن ينصرف إلى المحيط الذي يتلاءم مع أفكاره وأوضحنا لهم أننا لن نسمح في دارنا لمن يخالف اتجاهنا بإحداث مثل هذه البلبلة الفكرية وأوصد بعد ذلك هذا الباب وانطلق الإخوة يؤدون رسالتهم دون مراء أو إضاعة للوقت فيما لا يجدي ولا يفيد" أ.هـ (ص28-29)

قول سيد قطب : "إن عبادة الأصنام التي دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يجتنبه هو وبنيه إياها لا تتمثل فقط في تلك الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في جاهليتهم أو التي كانت تزاول شتى الوثنيات في صور شتى مجسمة في أحجار أو أشجار ... إن هذه الصورة الساذجة كلها لا تستغرق صورة الشرك بالله، ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله، والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصورة الساذجة يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها، ويمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها، ويمنعنا من الرؤية الصحيحة الحقيقية ما يعتور البشرية من صور الشرك والجاهلية الجديدة" (الظلال 2114/4)


مذهب البنا في صفات الله تعالى :

ويقول عن مذهبه في صفات الله : " فهم يثبتون اليد والعين والأعين والاستواء والضحك والتعجب .. الخ . وكل ذلك بمعان لا ندركها " (مجموع رسائل حسن البنا ص 392)
قلت : بل المعاني ندركها أما الكيفية مجهولة وهذا منهج السلف عامة في الصفات .
كما يلاحظ أنه لم يورد أي إشارة تتعلق بتصحيح العقيدة و العبادة علماً وعملاً ولا إزالة الأوثان ( الأضرحة ) التي بليت بها البلاد وبنيت عليها المساجد ولا الدعوة إلى السنة ولا إنكار بين هذه الواجبات التطبيقية .
بل وردت توجيهات إلى الالتزام ببعض البدع مثل : الذكر القلبي و الإكثار منه (المرجع السابق ص 280 )." وورد الدعاء .وورد الرابطة . وورد المحاسبة "( المرجع السابق ص 377 ـ 378 )
والاحتفال بالذكريات الإسلامية(المرجع السابق ص 123 ).

وفيما يختص برأيه في العلاقة مع اليهود والنصارى وموقفه منها :

يقول : " إن خصومتنا لليهود ليست دينيّة ، لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم "
(الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ 1 / 409)

وفي حق النصارى يقول عنه جابر رزق (الإخواني) في كتابه (حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه صفحة 188)
((فماذا عن " قنا " ؟ ، البداية حفل كبير زاخر على رأسه علماء المسلمين وقسس الأقباط ، ومحبة ، ونشاط ، وإخاء يسري كسري الكهرباء …
وعلى ذكر قسس الأقباط ، فإن الكثيرين يحاولون أن يلصقوا بالرجل (يعني به : حسن البنا) ودعوته تهمة التعصب ضد النصارى ، أو التفرقة بين عنصري الأمة ، ويشهد الله ومن حضر من الصادقين أن العكس هو الصحيح .....
فلم يكن الرجل داعية بغض ولا تفرقة ، وكان يبرهن أن الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تكون للأقباط لأنها ستطبق علينا وعليهم على السواء ، وأنها لا تصادر على الإطلاق نصرانيّة النصراني ، فإنما هي مجموعة من القوانين لا يوجد في النصرانيّة بديل لها ، ولا نقيض لأحكامها ، وأنه لو وجدت في الإنجيل قوانين فلتسر قوانين الإنجيل على النصارى ، ولا يجد الإسلام غضاضة في ذلك ، وأنه مادام رأي الأغلبية لا يتنافى مع دين الأقلية فليس هناك ظالم ولا مظلوم))

ويقول أيضاً : " حسن البنا عندما تقدم مرشحاً للانتخابات "البرلمان" كان وكيله الذي يمثله في مقر إحدى اللجان الانتخابية رجلاً قبطياً ، وأن حسن البنا لما اغتيل ومنعت الحكومة أن يشيع في جنازته ، ولم يمشي وراء نعشه إلا رجلان هما والده و مكرم عبيد الزعيم السياسي النصراني ، وأذكر أننا كنا ونحن طلاب نزور جمعيات الشباب المسيحية لنتحدث عن موقف الإسلام من النصرانية ، فنخرج وقد شعرنا أنهم أقرب الناس مودّة " أ.هـ

خلاصة القول :

بدأت حياة حسن البنا الاخوانية عام : 1928م ، دون محاولة ظاهرة لتغيير البدع الشركية والأصلية التي أوضح وجوب محاربتها لا باليد ولا باللسان ، وعلم القلب عند الله ، وسارت الحركة من بعده على النهج المعروف :
- إنكار على الحاكم وسكوت عن الرعية ، اهتمام بالقضايا الاجتماعية و السياسية المعاصرة وإهمال للقضايا التي خلق الله لأجلها الخلق وأرسل من أجلها الرسل وتعني كل فرد في الحياة الدنيا وفي الآخرة ..

- إثارة شباب المساجد على الحكام وبالتالي إثارة العداء بين الحاكم و المحكوم المتدين في سلسلة لا تنتهي من الثورة و البطش لا يصلح بها حال المجتمع المسلم المشغول بذلك عن إصلاح معتقدة وعبادته ووقف الانحدار في تدينه إلى حال تشبه حال اليهود والنصارى والمشركين من وجوه .

الصوفية الحصافية الشاذلية ومواظبته على الحضرة معهم

(ترجمة حياته : في كتاب أحمد عادل كمال / النقط فوق الحروف - وكتاب جابر رزق / حسن البنا بأقلام تلاميذه ومعاصريه)

- ومحاضراته في مشهد السيدة زينب أكبر أوكار الشرك في مصر كما في كتاب عباس السيسي (قافلة الإخوان المسلمون)

- وحضوره الموالد ، إقرار المشاهد والقبور والأضرحة والزيارة البدعية المحرمة ، العمل على التقريب بين السنة والرافضة (التلمساني / حسن البنا القائد الملهم الموهوب ص 78 – ذكريات لا مذكرات وكتاب عبد المتعال الجبري / لماذا اغتيل حسن البنا ص 32(
- تقريره أن خصومتنا لليهود ليست دينية وإنما إقتصادية ،تجويزه للتوسل بالذوات (الخطيب ، محمد عبد الحليم/نظرات في رسالة التعليم ص 177)
- تعلقه الشديد بالتصوف والمنامات ومشاركته في إنشاء الجمعيات الصوفية مذكراته ص 25 –26
- تقريره البيعة البدعية في الجماعة (المرجع السابق 356)
- أشعريته في الأسماء والصفات من تفويض وإنكار للعلو والاستواء (رسالته العقائد ص74)
- لم يترك أثراً علميا يتجاوز مجموعة رسائله ومذكراته ولكنه استثمر ما حصل عليه من معلومات شرعية استثماراً طيباً في حدود قدرته وظروف تربيته .
- انتهت حياته غيلة في القاهرة عام 1949م

أرادت الحركة أن تجتذب جميع المسلمين في مصر على اختلاف مناهجهم بين السلفية و الصوفية فعرفت نفسها : بأنها " دعوة سلفية " و" طريقة سنية " و" حقيقة صوفية " (مجموعة رسائل حسن البنا ص 156)

وأرادت أن تجمع في عضويتها بين طالب الدين و الدنيا فأضافت أنها " هيئة سياسية " و "جماعة رياضية " و "رابطة علمية ثقافية " و "شركة اقتصادية " و "فكرة اجتماعية " (المرجع السابق ص 156 ـ 157) .

ولتحقيق شمولية الحركة لجميع الاتجاهات الفكرية المصرية في ذلك الوقت أوسعت مكاناً للفكرة المصرية أو القومية . وللعروبة . وللفكرة الشرقية و العالمية في ظل الحكم الإسلامي (المرجع السابق ص 112 ـ 114) . هذا بعض ما تيسر جمعه عن حياته ودعوته وفكره .

فهل يستحق كل التبجيل والإتباع ؟

وهل سيلتمس المدافعون زلات العلماء في تزكية أمثال هذا الصوفي الذين ربما لم يعرفوا دعوتهم وحقيقتهم أم سيأخذون بأقوال من عرفهم وخبر خطر دعوتهم .؟؟
هذا ما نرجوه ونأمله والله الهادي إلى سواء السبيل ...
وفضائحهم تجدها في كتبهم التي تحتوي على طوام وبدع وضلالات
ينقلونها ويفتخرون بها لجهلهم وضلالهم فهم مفلسون من العلم الشرعي والحكمة .



الإخوان النصارى :

يقول محمود عساف فى ص 29 من كتابه المذكور: "حضر لزيارة الأستاذ (البنا) بالمركز العام عدد من قادة المسيحيين اذكر منهم: توفيق (أو وهيب لا أذكر) دوس باشا ، ولويس ومريت بطرس غالى عضوا مجلس الشيوخ وطلبوا من الإمام أن ينشئ شعبة باسم: "الإخوان المسيحيون "لكي يسهموا مع الإخوان المسلمين فى نشر الإيمان بالله والحث على الفضائل . رد عليهم الإمام بأن الفكرة طيبة ، ولكن يحول دون تنفيذها أن دعوتنا عالمية ، وعلى هذا لا بأس من تكوين الإخوان المسيحيين وأؤكد لكم بأنه سيكون هناك تعاون تام بيننا وبينكم"


وذكر محمود عبد الحليم في كتابه ( الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ ) جـ2 ص 503 : توجه الأستاذ حسن الهضيبى بك المرشد العام للإخوان المسلمين … إلى دار البطريركية حيث قابل غبطة البطريرك الأكبر الأنبا يوساب … ومما قيل أنه على المسلم والقبطي أن يعبدا ربهما كلا حسب تعليم دينه ولكنهم فى الوطنية سواء … وعند خروج فضيلة المرشد أهداه غبطة البطريرك مسبحة من الكهرمان ... حيث تعانقا على مشهد من جمعا كبير من الأقباط والمسلمين ... ونشرت الصحف صورتهما وهما يتعانقان .

قـلت : لو قال آخرون ما قاله البنا لبعض قادة النصارى لاتُهم في دينه أما وقد قاله حسن البنا فلا حرج لأنه لا يتصور خطأ في حسن البنا !! .

ولو تعانق شيخ الأزهر مع راهب نصراني أو زاره حاخام يهودي لانطلقت الإشعاعات والأقاويل بسباب ولعن أما وقد فعل ذلك البنا والهضيبي فلا حرج وإنما الحرج والتهم لغيرهما .

الإخوان والأمريكان :

يذكر محمود عساف في ص 13 من كتابه المذكور : " فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية أرسل مبعوثا من قبله للأستاذ الإمام كي يحدد له موعدا لمقابلته بدار الإخوان ، وافق الأستاذ على المقابلة ، ولكنه فضل أن تكون في بيت ايرلاند حيث أن المركز العام مراقب من القلم السياسي وسوف يؤولون تلك المقابلة ويفسرونها تفسيرا مغلوطا ليس في صالح الإخوان . اصطحبني الأستاذ معه ... وذهبنا إلى دار أيرلاند في شقة عليا بعمارة في الزمالك … قال ايرلاند : لقد طلبت مقابلتكم حيث خطرت لي فكرة وهى لماذا لا يتم التعاون بيننا وبينكم في محاربة هذا العدو المشترك وهو الشيوعية ؟... قال الإمام: فكرة التعاون فكرة جيدة … نستطيع أن نعيركم بعض رجالنا المتخصصين في هذا الأمر على أن يكون ذلك بعيدا عنا بصفة رسمية ولكم أن تعاملوا هؤلاء الرجال بما ترونه ملائما دون تدخل من جانبنا غير التصريح لهم بالعمل معكم ولك أن تتصل بمحمود عساف فهو المختص بهذا الأمر إذا وافقتم على هذه الفكرة!! .

قـلت : فهذا ليس كلام حكومة النقراشي أو حكومة الثورة أو كلام شيوعيين أو ناصريين وإنما الراوي قيادي مقرب جداً لحسن البنا مسئول المعلومات (المخابرات) فماذا يقول الإخوان وما هي عللهم لتبرير مثل هذا التصرف الذي ينم عن جهل بعقيدة أهل السنة ومعاملتهم للحكام إن حسن البنا طلب أن يكون اللقاء سرياً وبعيداً عن علم الحكومة وفي بيت السفير الأمريكي فهل حسن البنا موكل من الحكومة لعقد هذا اللقاء والتفاوض مع سفير دولة أجنبية ولماذا يمدهم حسن البنا برجاله في محاربة الشيوعيين وبدون علم الحكومة ؟. ولا يحتج أحد بأن ذلك لمحاربة الشيوعية لأن الاتصال بجهات أجنبية من أهم أعمال السيادة لولي الأمر كما أن إصرار حسن البنا على سرية اللقاء دليل قاطع على أن الرجل يريد فتح علائق مع دول أجنبية لأمر في نفسه ، ممكن أن يفهم بداهة.
فماذا لو سجل السفير الأمريكي اللقاء وأرسله للقلم السياسي المصري في الشرطة في هذا الوقت ؟ أو ماذا يكون الموقف لو تعقبت الحكومة حسن البنا في زيارة البنا للسفير، ووجهت له تهمة سياسية ؟ هل تكون الحكومة الملكية في هذا الوقت كافرة أو عميلة لو حاكمت البنا بتهمة التخابر والاتصال بدولة أجنبية ؟ !!! أم أن الفكر الأعوج يؤدي إلى تصرف أرعن لا تراعى فيه المصالح العامة التي هي من شأن واختصاص ولاة الأمور.
فهل هذا فقه شرعي يستند إلى ضوابط شرعية ؟ أم أن حسن البنا يتصرف وكأنه حاكم بأمره وصاحب ولاية عامة يفعل ما يريد ويختار !!!. نماذج من العمليات الإخوانية الإرهابية والتي قام بها التنظيم السري لهم كما ذكر ذلك قادتهم وهم بعيدون فى ذلك عن أي عوامل إكراه أو تهديد أو اعتقال:

مقتل المستشار القاضي " الخازندار " ص 255 وما بعدها من كتاب حقيقة التنظيم الخاص لمحمود الصباغ ، وكذلك محمود عساف ص 147-157 من كتابه " الإمام الشهيد حسن البنا". - مقتل رئيس الوزراء " محمود فهمي النقراشى" ص 312 نفس المصدر السابق - محاولة قتل " إبراهيم عبد الهادي باشا " ص 314 نفس المصدر السابق . - تفجير قنابل فى جميع أقسام البوليس فى القاهرة يوم 3/12/1946 ص 278 نفس المصدر السابق. - إلقاء قنابل حارقة على سيارات كل من: "هيكل باشا" رئيس حزب الأحرار الدستوريين "النقراشى باشا" ص 278 نفس المصدر السابق .

وضع قنبلة زمنية حارقة داخل حقيبة صغيرة شبيهة بحقائب المحامين بجوار الخزانة التي تحتوى على جميع أوراق قضية أوراق سيارة الجيب . راجع ص 104 وما بعدها من كتاب محمود الصباغ السابق ذكره .
قـلت : فهل بعد هذه الحقائق الدامغة تسمى دعوة الإخوان المسلمين دعوة سنية سلفية أو دعوة شاملة أم هي قاصرة لا سلفية فيها ولا سنة اللهم إلا سلفية الخوارج وسنتهم البدعية فى الخروج على الحكام وما يتبعه من ترويع الآمنين وسفك الدماء وتسلط السفهاء والدهماء على الأنفس والأعراض والأموال .
فالإخوان بتاريخهم وترجمة لأفكارهم اعتبروا أنفسهم دولة داخل دولة وحكومة داخل حكومة وأعطوا لأنفسهم حق الحكم على الناس وتنفيذ ما يحكمون به فهل هذا مسلك صحيح يستند إلى شرعية دينية ؟ بالطبع لا وإنما هو الفتنة والهرج الهرج.
ولو نظرنا لهذه العمليات وقارنّاها بالعمليات التي حدثت في عهد السادات والعهد الحالي لوجدناها بنفس الأسلوب ونفس الطريقة وهذا ـ وإن دل على شيء ـ فإنما يدل على أن كثيرا من هذه الأحزاب الدينية عيال على المدرسة الإخوانية والذين هم بدورهم عيال على خوارج الماضي .

فاعتبروا يا أولي الأبصار .

الاشتراكيـــة :

يقول حسن البنا في صفحة 349 المصدر السابق من رسالة مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي : "توجب علينا روح الإسلام الحنيف وقواعده الأساسية في الاقتصاد القومي أن نعيد النظر في نظام الملكيات في مصر ، فنختصر الملكيات الكبيرة ونعوض أصحابها عن حقهم بما هو أجدى عليهم وعلى المجتمع" !!


" ويقول: وتوجب علينا روح الإسلام في تشريعه الاقتصادي أن نبادر بتنظيم الضرائب الاجتماعية وأولها الزكاة !!!!"

قلت : فقد كانت هذه الفقرة من أعجب ما قرأت فلطالما هاجم الإخوان المسلمون الفكر الناصري الذي فتت الأرض الزراعية وحدد الملكية ، بل وصل الأمر أن أحد رموز الإخوان المسلمين المشهورين د.مصطفى السباعي ألف كتاباً تحت عنوان اشتراكية الإسلام ، إذن كان لحسن البنا قدم سبق في التمهيد للاشتراكية الناصرية وكذلك سيد قطب ، بل وصل الأمر أن حسن البنا يجعل الزكاة من الضرائب فهل هذا من الإسلام وفقه الإسلام أم من مجاهيل الأفكار الوضعية من اشتراكية وغيرها . فأين الحاكمية إذن ؟؟!!
فها هو عمر بن الخطاب في عام الرمادة لم يرسل لولاته في بلاد مصر والشام والعراق ليحددوا الأملاك الزراعية ليشاركهم في ذلك المسلمين في الحجاز ، فما بال حسن البنا الداعية الإسلامي يطلق الكلام بلا ضوابط شرعية وبلا مفاهيم سلفية. ويزعم أنه مقيد بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، فها هو فهم السلف في شخص عمر رضي الله عنه في عام الرمادة ، أنتبع حسن البنا وعبد الناصر أم نتبع عمر وأصحابه ؟؟ . فاعتبروا يا أولي الأبصار.

ويقول محمد الغزالي : "وأرى أن بلوغ هذه الأهداف يستلزم أن نقتبس من التفاصيل التي وضعتها الاشتراكية الحديثة مثلما اقتبسنا صورا لا تزال مقتضبة - من الديمقراطية الحديثة - ما دام ذلك في نطاق ما يعرف من عقائد وقواعد، وفي مقدمة ما نرى الإسراع بتطبيقه في هذه الميادين تقييد الملكيات الكبرى وتأميم المرافق العامة" (الإسلام المفترى عليه : ص 66) وقوله : "إن الإسلام أخوة في الدين واشتراكية في الدنيا" (الإسلام والاشتراكية ص 183)


ولمصطفى السباعي كتاباً بعنوان (اشتراكية الإسلام)