الأربعاء، 28 مارس 2012

موقف الإخوان من الجماعات الإسلامية الأخرى


يقول الشيخ جاسم مهلهل الياسين في كتابه (ص: 63) ما نصه: (ثالثاً: الموقف من الهيئات الإسلامية: يقول الاستاذ البنا رحمه الله: أما موقفنا من الهيئات الإسلامية جميعاً على اختلاف نزعاتها فموقف حب واخاء وتعاون وولاء، نحبها ونعاونها ونحاول جاهدين أن نقرب بين وجهات النظر، ونوفق بين مختلف الفكر توفيقاً ينتصر به الحق في ظل الحب..) أهـ.

* * *

ونقف مع هذا الكلام فنقول للأخ جاسم :

إن كلام الإمام حسن البنا رحمه الله كلام طيب ولكن كتابات وتصريحات القياديين من الإخوان المسلمين تختلف تماماً وتتناقض مع كلام الإمام البنا رحمه الله، وهذا بلا شك يعتبر من التناقض في دعوة الإخوان.. وإليك الدليل على هذا التناقض من كلام قيادات الإخوان:

أ) محمد عبد الرحمن خليفة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن؛ قال في رده على أسئلة وجهها إليه الأخ سليم الهلالي والأخ زياد الدبيج في مساء يوم السبت الموافق 26/5/1978 وذلك في كتاب (الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة) حيث دار الحديث الآتي: (س: ما رأيكم في الجماعات الإسلامية الأخرى؟

ج: باطلة.

س: لماذا نشأت؟ - أي هذه الجماعات -

ج: حباً في الزعامة وتقلد المناصب لدى القائمين عليها) أهـ.

وهنا أسأل الأخ جاسماً وأقول له: إن المراقب العام للإخوان في الأردن يرى بأن الجماعات الإسلامية الأخرى (باطلة) وما ظهرت على حد زعمه إلا لتقلد المناصب الدنيوية.. أليس هذا يتنافى مع الحب والتعاون الذي يقوله حسن البنا رحمه الله؟! ثم اليس اتهامهم بأنهم ماظهروا إلا لتقلد المناصب يعتبر طعناً في نياتهم؟! فأين الإخاء والمحبة والإعذار للمسلم؟!

ب) سعيد حوى في كتابه (في آفاق التعاليم)؛ في المقدمة قال ما نصه: (ثم إنه قد نبتت هنا وهناك أفكار مريضة تريد أن تتخلص من دعوة حسن البنا ومن أفكاره فكان لا بد أن يعرف هؤلاء وغيرهم أن الانطلاقة على غير فكر الاستاذ البنا في عصرنا قاصرة أو مستحيلة أو عمياء، إذا ما أردنا عملاً كاملاً متكاملاً في خدمة الإسلام والمسلمين) أهـ.

ج) الإخوان المسلمون في اليمن؛ يقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في كتابه (المخرج من الفتنة ص: 60): (لدينا درس بعد المغرب إلى العشاء في صحيح البخاري فترك المدرسون الحضور وذهبوا يستمعون عند رافضي يقرأ عليهم في (شمس الأخبار) تمر بهم الأحاديث الضعيفة والموضوعة في فضل علي وهم يعلمون بطلانها فيهزون رؤوسهم، أقول: ما الإخوان المسلمون رجال علم بل ينفرون عن العلم ويقولون لبعض أبنائنا: إنكم تشغلون أنفسكم بالحديث ورواه فلان وأخرجه فلان وهذا حديث متفق عليه، فحالهم كما قيل:

أتانا أن سهلاً ذم جهلاً علوماً ليس يدريهن سهل
علوماً لو دراها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل

ويقول الوادعي أيضاً في (ص: 69): (ومن أكبر الأدلة على ذوبان هذه الجماعات أن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تعتبر أكبر جماعة في اليمن قد أوشكت على التدهور، فهذا رئيسها الأخ الفاضل: عبد الملك بن منصور قد تبرأ إلى الله منهم وهو يعتبر رأساً من أهل السنة، ولا تسأل عن مفترياتهم عليه، حتى لا تصدقهم إذا قالوا: فلان شيوعي أو بعثي أو تكفير، لما صبوا عليه من الأكاذيب بسبب تركه للجماعة لما علم أنها ليست بجماعة شرعية).

ويقول الشيخ الوادعي أيضاً في (ص: 68): (وعندما بغى علينا الإخوان المسلمون واعتبرونا نوعاً فكل من لم يبايعهم ممن يقتدي به فهو لا يسلم من أذاهم) أهـ.

د) الاستاذ عمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين رحمه الله؛ قال في كتاب (بعض ما علمني الإخوان المسلمون ص: 3) ما نصه: (ولئن كان الإمام المجاهد ابن تيميه وتلامذته قد أدوا إلى الفقه الإسلامي وتوضيح مناهج السلف ما يعد غرة في جبين الفقه الإسلامي ولئن كانوا قد سجنوا أو عذبوا في سبيل التمسك برأيهم الصحيح، ولئن كانوا قد جاهدوا في سبيل الله بالسيف والمزراق فعلاً، ولئن كانت لهم مدرستهم التي لا تنكر، ولئن كنا نحن الإخوان المسلمين نعتبرهم أساتذة لنا إلا أنني أقرر وانا كامل الإيمان والصدق أن مدرسة الإمام الشهيد حسن البنا كانت أعمق أثراً وأبعد فاعلية في نفوس شباب المسلمين، وذلك لأن مدرسة الإمام ابن تيميه أخرجت فقهاء وعلماء حقاً، ولكن مدرسة البنا أخرجت مجاهدين في ميادين القتال ومثلاً في مواقف النظال) أهـ.

وأقف قليلاً بعد هذا الكلام فأقول للأخ جاسم المهلهل:

لقد كان بوسع الاستاذ التلمساني (مرشدكم العام) أن يمتدح حسن البنا ويمتدح مدرسته وتلامذته من غير أن يلمز أو يتنقص من شيخ الإسلام ابن تيميه وتلامذته ومدرسته السلفية، حتى يقول بأن مدرسة الإمام البنا أخرجت مجاهدين في ميادين القتال بينما مدرسة ابن تيميه أخرجت علماء وفقهاء! وهل نسي أم تناسى التلمساني المعركة التي قادها شيخ الإسلام ابن تيميه وتلامذته ضد (التتار) أليس هذا يعتبر جهاداً في سبيل الله؟! أم أنه لا يعتبر جهاداً حتى يشترك فيه الإخوان المسلمون؟!

وكيف يقول التلمساني: بأن مدرسة الإمام البنا أعمق أثراً في نفوس الشباب وأبعد فاعلية من مدرسة شيخ الإسلام ابن تيميه وها هم تلاميذ مدرسة البنا لا يميزون بين توحيد وشرك ولا سنة وبدعة، ولعل على رأسهم التلمساني نفسه حيث أنه يرى جواز اللجوء إلى قبور الأولياء في الشدائد والدعاء عندها ويرى أن هذا الفعل لا شرك فيه ولا وثنية وإنما غاية ما فيه أنه أمر (تذوق)! بينما تلامذة مدرسة ابن تيميه رحمه الله هم وحدهم الذين يتصدون لأهل الشرك والقبوريين وأعداء الإسلام بالحجة والبرهان الصحيح.. ويكفي في رد هذه الفرية عن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ومدرسته أنه لا تعترض لشباب الحركة الإسلامية - وحتى الإخوان أيضاً - أي مسألة من مسائل الدين مما يتعلق بالجهاد أو التوحيد أو البدع أو غيرها إلا ويلجأون إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم وكتب تلامذة مدرسة ابن تيميه السلفية، ليعرفوا حكمها الشرعي.

وبعد ذلك يقول مرشدكم ان مدرسة الإمام البنا أعمق أثراً في نفوس الشباب من مدرسة شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله!

هـ) يقول أيضاً الأخ جاسم؛ في كتابه (ص: 122) ما نصه: (بل دعوة الإخوان ترفض أن يكون في صفوفها أي شخص ينفر من التقيد بخططهم ونظامهم ولو كان أروع الدعاة فهماً للإسلام وعقيدته وأنظمته، وأكثرهم قراءة للكتب ومن أشد المسلمين حماسة وأخشعهم في الصلاة، والإخوان لا يبالون بهم وهم بهذه المزايا إلا أن يتقيدوا بخطط الجماعة والسعي لإقامة أهدافها وهي إقامة دولة الإسلام) أهـ.

وأقف بعد هذا الكلام فأقول للأخ جاسم:

إن كلامك هذا لا يحتاج إلى تعليق إذا كان الملتزم باوامر الله وعنده هذه الصفات الطيبة لا يبالي به الإخوان إلا أن يتقيد بأوامرهم!

وفي ختام هذه الوقفة أقول للشيخ جاسم:

عن كلام مؤسس دعوتكم الاستاذ البنا رحمه الله يختلف تماماً عن كلام المراقب العام للإخوان في الإردن والذي يرى بأن الجماعات اسلامية باطلة، ويختلف كذلك من موقف الإخوان في اليمن يختلف عن موقف مرشدكم التلمساني الذي لمز وطعن في شيخ الإسلام ابن تيميه ومدرسته السلفية.. فهل تستطيع أن توفق بين كلام الإمام البنا وبين هذه المواقف المتناقضة؟! وأين الحب والإخاء والتناصح الذي ينادي به مرشدكم الأول البنا رحمه الله؟!

أم أن الأمر تغير؟!